من أعلام الإسلام
الطحـــاوي (1)
229-321 هـ
إعداد : سليمان الحرش
أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي، نسبة إلى "طحا" في قرى مصر ، ولد سنة تسع وعشرين ومائتين . تفقه على مذهب الإمام الشافعي ثم انتقل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة . وقد ذكر ابن خلكان في الوفيات : أن سبب انتقاله إلى مذهب أبي حنيفة ورجوعه عن مذهب الشافعي لأن خاله المزني قال له يوماً : والله لا يجيء منك شيء . فغضب وتركه واشتغل على أبي جعفر بن أبي عمران الحنفي ، حتى برع وفاق أهل زمانه ، وانتهت إليه رئاسة الحنفية في مصر.
شيوخه :
تخرج -رحمه الله- على كثير من الشيوخ ، وأفاد منهم ، وقد أربى عددهم على ثلاثمائة شيخ ، فقد سمع من هارون بن سعيد الأيلي ، وعبد الغني بن رفاعة ، ويونس بن عبد الأعلى ، وعيسى بن مثرود ، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم ، وبحر بن نصر الخولاني ، وخاله أبي إبراهيم المزني ، فقد روى عنه مسند الشافعي ، وسليمان ابن شعيب الكيساني ، ووالده محمد بن سلامة ، وإبراهيم بن منقذ ، والربيع بن سليمان المُرَادي ، وبكار بن قُتيبة ، ومقدام بن داوود الرُعيني ، وأحمد بن عبد الله بن البرقي ، ومحمد بن عقيل الفريابي ، ويزيد بن سنان البصري و غيرهم.
تلاميذه :
وروى عنه خلق منهم : أحمد بن القاسم الخشاب ، وأبو الحسن محمد ابن أحمد الأخميمي ، ويوسف الميانجي ، وأبو بكر بن المقريء ، وأبو القاسم الطبراني ، وأحمد بن عبد الوارث الزجاج ، وعبد العزيز بن محمد الجوهري ، قاضي الصعيد ، ومحمد بن بكر بن مطروح ، ومحمد بن الحسن ابن عمر التنوخي ، ومحمد بن المظفر الحافظ ، و غيرهم.
وارتحل إلى الشام في سنة ثمان وستين ومائتين ، فلقي القاضي أبا خازم وتفقه عليه.
عقيدته ومنهجه :
الإمام الطحاوي من أئمة السلف الصالح ، العاملين على هدي من الله وبصيرة ، الذين لا يألون جهداً في نشر مذهب السلف في العقيدة المستمدة من الكتاب والسنة ، وخير شاهد على ذلك كتابه العظيم -والذي تلقاه العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول- (العقيدة الطحاوية) فإن الدارس لهذا الكتاب يتبين له من خلال دراسته أن مؤلفه -رحمه الله- قد التزم بمنهج أهل السنة والجماعة ، في مفهوم الاعتقاد ، وخاصة فيما يتعلق بالأسماء والصفات ، والتي جنحت فيها كثير من الفرق ، من مشبهة ، ومعطلة ، ومؤولة إلا ما أخذ عليه في بعض المواطن النادرة (وأبى الله أن يتم إلا كتابه).
أما منهجه في المذهب وترجيحه للأقوال فإنه يعتبر قدوة ومدرسة في ذلك ، فلم يمنعه التزامه بمذهب (أبي حنيفة رحمه الله) النظر في الأدلة والأقوال المخالفة لمذهبه ، وترجيح بعضها على بعض بحسب ما يراه راجحاً ، وما يتبين له من الحق ، وهذا من أمثل المناهج في التفقه والنظر ، وذلك لمن حصلت له الأهلية في ذلك.
ومما يؤيد ذلك ما قاله ابن زولاق : »سمعت أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول : سمعت أبي يقول : وذكر فضل أبي عبيد بن جرثومة وفقهه ، فقال : كان يذاكرني في المسائل فأجبته يوماً في مسألة فقال لي : ما هذا قول أبي حنيفة ! فقلت له : أيها القاضي أو كل ما قاله أبو حنيفة أقول به ؟ فقال : ما ظننتك إلا مقلداً ، فقلت له : وهل يقلد إلا عصبي ، فقال لي : أو غبي ، قال : فطارت هذه بمصر حتى صارت مثلاً وحفظها الناس« (2).
ثناء العلماء عليه :
لقد أثنى على الإمام الطحاوي غير واحد من أهل العلم ، والفقه ، والحديث ، وعلماء الجرح والتعديل . قال ابن يونس : وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً ، لم يخلف مثله.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء : الإمام العلامة ، الحافظ الكبير ، محدث الديار المصرية وفقيهها . وقال ابن كثير في البداية والنهاية : الفقيه الحنفي ، صاحب التصانيف المفيدة ، والفوائد الغزيرة ، وهو أحد الثقات الأثبات ، والحفاظ الجهابذة.
وقال ابن الجوزي في المنتظم : كان الطحاوي ثبتاً ، فقيهاً ، عاقلاً . وقال الصلاح الصفدي في الوافي : كان ثقة نبيلاً ، ثبتاً ، فقيهاً ، عاقلاً لم يخلف بعده مثله . وقال السيوطي في طبقات الحفاظ : الإمام العلامة الحافظ ، صاحب التصانيف البديعة.
مصنفاته :
أما تصانيفه فقد كانت غاية في التحقيق ، وحوت من الفوائد وحسن العرض والتصنيف ما جعلها جديرة بالاهتمام منها :
1- العقيدة الطحاوية : والتي قال عنها السبكي : (جمهور المذاهب الأربعة على الحق يقرؤون عقيدة الطحاوي التي تلقاها العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول) (3).
2- اختلاف العلماء.
3- بيان السنة والجماعة في العقيدة.
4- حكم أراضي مكة المكرمة.
5- شرح الجامع الصغير والكبير للشيباني في الفروع.
6- عقود المرجان في مناقب أبي حنيفة النعمان.
7- الفرائض.
8- قسمة الفيء والغنائم.
9- كتاب التاريخ.
10- كتاب التسوية بين حدثنا وأخبرنا.
11- الشروط الصغير.
12- الشروط الكبير.
13- المحاضرات والسجلات.
14- المختصر في الفروع.
15- نقد المدلسين على الكرابيسي.
16- اختلاف الروايات علي مذهب الكوفيين.
17- مشكل الآثار.
18- شرح معاني الآثار.
وفاته :
توفي -رحمه الله- سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، ليلة الخميس مستهل ذي القعدة . بمصر ، ودفن بالقرافة ، وله ثمان وثمانون سنة.
الهوامش :
1- انظر ترجمته في طبقات الشيرازي 8/218 ، الأنساب 8 / 218 . تاريخ ابن عساكر 2 /189-190 . المنتظم 6 / 186 . وفيات الأعيان 1 / 71-72 . الوافي بالوفيات 8 / 9 -10 . مرآت الجنان 2 / 281 . تذكرة الحفاظ 3 / 808 . البداية والنهاية 11/174 العبر 2 / 11 . سير أعلام النبلاء 15 / 27-32 . لسان الميزان 1 / 174-282 . شذرات الذهب 2 / 288 . طبقات الحفاظ 339 . حسن المحاضرة 198 . اللباب 2 / 275 . كشف الظنون 5 / 58 . النجوم الزاهرة 3 / 239 . مقدمة العقيدة الطحاوية . مقدمة شرح معاني الآثار . وكتب أخرى.
2- لسان الميزان لابن حجر في ترجمته للطحاوي 1 / 280.
3- من كتابه معيد النعم ومبيد النقم.
---------------
المصدر مجلة البيان