تنازلتُ لك يا سيدتي ..
عن عرش ملوك كسرا ..
عن جياد العرب ..
تركض في ساحات الأندلس ...
عن قصور الحمرا ...
تنازلتُ عن قضيةً لم تبدء بداخلي ..
ولا أعرف كيف تنتهي ..
أو تظلُ حتى تصبح .. كحبي إليك ..
مرهونةٌ بقتلي ..!!
( 2)
تنازلتُ يا سيدتي ..
عن أقلام الرصاص ..
عن دفاتري .. وكتبي ..
تنازلت عن قصائد لم تكتب ..
لم تولد .. في شرايني ..
تنازلتُ عن كل ما هو في مخيلتي
ما هو في أحلامي ..
لعلك تعترفين بتنازلي ...
(3)
تنازلتُ عن عاداتي ..
عن معتقداتي ..
عن غجريةً ..
إلتقيتها .. في ساحة رقص شرقية ..
تُعيد إلي ذاكرتي ..
تُعيد شموخ العرب .. في زمن الجاهلية ..
تنازلتُ عن الإمساك بيدها ..
عن الإلتفاف حول خصرها ..
عن ضمها .. عن شعرها ..
الذي محى جميع القصائد التي كتبتها ..
تنازلتُ يا فارسية اللغة ..
ويا نسل الحروف الأبجدية ..
ويا ذات العينين العسلية ...
عن كل ما قد زرعته ..
عن كل ما قد حصدته ..
لأجعل منك ..
بفعل الشمس ..
بفعل القمر ...
بفعل الهواء والمطر ..
بفعل سر أوراق الشجر ..
سيدةً خُرافية ..
يُستحال التنبئ بطبيعتها .. بجغرافيتها ..
فحين تبكين .. وحين تبتسمين ...
تتغير ملامح الأرض
وكأنها في أول ولا د تها ... ..
(4)
فدعيني .. أتنازل لك ..
عن نجومٍ لم ألمسها ..
عن سماءً لم أعانقها ..
عن كُتباً لم أقرأها .. في تاريخ الكتب ..
في تاريخ النحو .. والأدب ..
فكل ما فعلته في الماضي ..
وكل النساء اللواتي ..
لم أوقع على صدورهنً ..
تنازل بكل شيئ يعنيني ..
لم أترجم معاجم اللغة جميعها ...
التي يتحدثنً بها ..
بل كنتُ أعرف ..
أن حبهنً .. وغضبهنً ..
وجنونهنً .. وسحرهنً ... واحد
هو الحب على طريقتي ..
وليس التنازل عن كل شيئ ..
فلا تطلبين أكثر ..
من تنازلي عن ورقتي الأخيرة ..
عن نهايتي المريرة ..
التي كتبتها بيدي ..
ووقعتها من دماء شعري ..
فلا تطلبين المزيد ..
فقد أخذتي كل شيئ ..
حتى حزني وألمي ..
فأصبحت رجلاً
بلا معنى ..
رجلاً بلا ذكرى ..
جمال رضوان