كتب ناصر اللحام- وسط سخرية شعبية ولا مبالاة رسمية وانخفاض حاد في التوقعات السياسية المرتقبة من مؤتمر الخريف ، عادت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليسا رايس مرة أخرى لزيارة المنطقة ، وقد بدا موكبها عند زيارة بيت لحم حزينا رغم محاولة السواق إطلاق الصفارات قدر الإمكان ، لدرجة أن السكان العاديين لم يلتفتوا إلى هذه الزيارة .
قبل ثماني سنوات كانت هيلاري كلينتون زارت بيت لحم ، ولكن الأجواء كانت مختلفة ولم يخجل حينها الأطفال من التلويح بالعلم الأمريكي إلى جانب الفلسطيني ، ومن بيت لحم انطلقت هيلاري بصحبة بيل كلينتون لافتتاح مطار الدهنية حيث دس الزعيم الراحل ياسر عرفات في جيب الزوجين كلينتون قطعتين من شبر الافتتاح فضحك الجميع حتى بانت النواجذ .
حينها كان الشعور السائد ان الشعب الأمريكي شعب صديق وان أمريكا تساعد الفلسطينيين فعلا في إقامة دولة ومطار وميناء بحري وأجهزة امن ، لكن إسرائيل حطمت كل هذا في سنوات الانتفاضة وجرفت مسرب الطائرات الذي افتتحه الزوجان كلينتون بأسنان الجرافات .اليوم نفس الاطفال اصبحوا رجالا يحملون بنادق ويحرقون نفس العلم الامريكي !
و هذه الايام ، ربما لا يحتاج المتابعون السياسيون لقراءة ما يفكر به الفلسطينيون عبر وسائل الاعلام الفلسطينية ، بل يكفي الاطلاع على الصحف العبرية الصادرة يوميا لاكتشاف مدى الاستخفاف الاسرائيلي بزيارة كونداليسا رايس ، حتى ان المحلل السياسي الاسرائيلي في القناة الثانية اودي سيجال قال على شاشة التلفزيون الاسرائيلي " ان اولمرت يعرف ان الرئيس بوش وطاقمه سيغادرون البيت الابيض وهو غير مكترث اذا غضبوا "، وهذا صحيح فالحزب الجمهوري هو من يحتاج الى اسرائيل وليس العكس .
رايس التقت رجال اعمال في بيت لحم ، واستقبلتهم امام الفندق بحرارة لدرجة قال السياسيون في انفسهم " يا ليتنا رجال اعمال " كما التقت في اسرائيل زعيم حزب شاس ايلي يشاي والوزير بار اون من حزب كاديما وايهود باراك زعيم حزب العمل ، لتتحول الزيارة الى برايمر داخلي اسرائيلي .
الفلسطينيون هنا يعتقدون ان المؤتمر الدولي في انابوليس يتحول رويدا رويدا الى مؤتمر دولي لحل مشاكل اسرائيل الداخلية وليس مؤتمرا دوليا لحل المعضلة الفلسطينية . وكان المطلوب من الرئيس الفلسطيني ( القوي ) مساعدة رئيس الوزراء الاسرائيلي ( الضعيف ) في مواجهة مشاكله الداخلية والخارجية .
في بيت لحم يتهامسون مزاحا : ان كل مسؤول غربي يريد ان يترك منصبه يأتي للصلاة في كنيسة المهد على شكل زيارة وداع ، تماما مثلما فعل طوني بلير قبل اشهر وغيره وغيره - ويقولون ان رايس ادت صلاة الوداع في بيت لحم .
اما تعيين اولمرت لتسفي ليفني كرئيس لطاقم التفاوض مع الفلسطينيين فقد وصفته الصحافة الاسرائيلية بأنه مصيدة العسل لليفني فاولمرت يريد اضعافها وتحميلها مسؤولية الفشل القادم ليزيحها عن طريقه ، وهي لن تفاوض ابو علاء قريع على القضايا النهائية .
اذن سيتفاوضون على قضايا غير نهائية ، قضايا مثل لم الشمل والحواجز والسفر والمدارس والمعابر والتجارة .
حسنا ، اذن حسين الشيخ رئيس دائرة الارتباط المدني يقوم بهذه المهمة بشكل رائع حتى الان ، وهو اهم بكثير من المفاوضين السياسيين - الى حين يكون هناك تفاوض سياسي اصلا ، فنحن منذ العام 2000 نسمع جعجعة ولا نرى طحنا .