نداء للوطن

~~.. .. نداء الوطـــــــــــــن ~~.. ..

إهــــداء ...
إلى كل من فقد أباً غالياً .. أو أخاً عزيزاً ..
إلى كل شخص أُصيب بجرحٍ في جسده ..
إلى كل من تأذى من جراء هذه الشرذمة الضالة ..
إليهم ..
وإلى وطني الغالي الذي ترعرعت فيه ..
وعشت أجمل لحظات حياتي ..
أهدي قصتي البسيطة ..
نــداء الوطــن ..
التي لن توفي وطني الغالي حقه ..
أبداً ..

تأليف : حياة القلوب (أوركيدة - روح البراءة " أسمائي في منتديات آخرى .." (



1- رحيــــــل ..
ارتفعت طرقات (غيداء) على الباب هادئة إلا أن أحداً لم يجبها ..
خطت للداخل وشعرها الفاحم السواد يتطاير خلفها ..
نظرت بحنان نحو(أحمد) أخيها الذي يصغرها بسنتين .. مستلقياً على سريره ..
الحيرة كانت تملأ ملامحه ..
لم يتنبه لدخلوها ..
فانطلقت ذاكراتها بعيداً ..
انطلقت إلى سنتين مضت ..

* * *

كانت تجلس وحيدة قي حجرة الجلوس بالمنزل تتطلع إلى التلفاز في ملل ..
عندما دخل والدها ..
نظرت نحوه ..
كان يرتدي زيه الرسمي حيث أنه كان يعمل ضابطاً بالعسكرية ..
نظرت إلى ساعتها التي تشير إلى الواحدة ليلاً وقالت : أبي .. أذاهب أنت إلى عمك؟؟ "
أومأ برأسه إيجاباً فمطت شفتيها في قائلة في ضيق: وأنا ؟؟ "
سألها : مابك؟؟ "
أجابت في ملل : أجلس وحيدة في المنزل .. لا يوجد من يسليني "
أطلق ضحكة مرحة قائلاً: " وأخاكِ (أحمد ) .. لم لا تجلسين معه؟؟ "
أجابت بانفعال : "ليحكي لي عن جميع السيارات الموجودة في هذه الدنيا .. ويقول لي "
ثم قلدت صوته قائلة : عندما أكبر سأشتري السيارة الفلانية .. وسأضع عليها كذا وكذا "
ثم قالت في غيظ : " أصبحت أعرف السيارات بأنواعها لا يجد حديثاً سواه "
أطلق ضحكة عالية هذه المرة من طريقة حديثها فنظرت نحوه في غضب وعقدت حواجبها ..
ضمها إليه قائلاً في لهجة يملؤها الحنان : " هل غضبت؟؟ "
أدارت وجهها ... فأمسكه بيده وأدارها نحوه قائلاً : " بابنتي .. ربما قد لا أدوم طوال الحياة معكم.. سأذهب كما ذهبت والدتكم .. يجب أن تحبيه تخشب عليه "
" ومن قال أني لا أحبه ! "
ابتسم بطيبة قائلاً:
" أعرف أنكِ تحبينه .. لكنني فقط أردت أن تدوم هذه المحبة حتى بعد وفاتي "
أومأت برأسها إيجاباً ثم قالت في قلق :
"أبي .. إنني أشعر بانقباض في قلبي "
نظر نحوها فتابعت :
" أرجوك لا تذهب إلى العمل .. أشعر بأن شيئاً ما سيحدث "
حاول التغلب على قلقه واغتصب ابتسامة قائلاً :
" إنها مجرد أوهام "
ثم نظر نحو ساعته وهتف :
" يا الهي .. لقد تأخرت كثيراً .. علي الذهاب .. وداعاً "
خرج مسرعاً بينما هي تراقبه من النافذة ..
جلست بعد ذلك تتابع المسلسل على التلفاز فإذ بها تفاجأ به يعود سألته :
" ما الأمر؟؟ "
قال في عجلة :
" أين أخاك؟؟ "
"في حجرته يلعب بالبلايستيشين كعادته "
ذهب مسرعاً فرافقته .. فتح الباب ووجده يلعب ومندمجاً مع اللعبة .
ناداه والده فلم يجبه فصرخت (غيداء) قائلة بأعلى صوتها :
"أحمدددد .. "
انتفض في شدة والتفت نحوها وجسده يرتجف انفعالاً وهي تكتم جاهدة ضحكتها التي أصرت على الخروج ..
قال والغيظ يقطر من كلماته :
" أيتها ال.. "
قاطعه (عبد الله) قائلاً:
" ليس هذا وقت الشتائم يا (أحمد" (
نظر نحوه في دهشة ثم قال في حرج :
" عذراً يا أبي .. لم أنتبه لوجودك "
تنهد في عمق وقال:
" أهذا ماستفعلونه إذا مت؟؟ "
أرخى الاثنان رأسيهما في خجل فتابع بابتسامة حنونة :
" على كل ... أتيت لأودعكما "
عقد (أحمد) حاجبيه في استغراب .. فقد كانت هذه أول مرة يفعلها والده .. بينما ازدادت خفقان قلب(غيداء( الخائفة ..
تقدم نحو (أحمد) وضمه في حنان بالغ .. ثم قبله على جبهته ..
والتفت إلى (غيداء) قائلاً بابتسامة :
" ما رأيك في أن تصطحبيني إلى الباب؟؟ "
أومأت برأسها إيجابا والأفكار تأخذها يُمنةً ويُسرى ..
عندما وصلا إلى الباب واستعد للخروج أمسكها من كتفيها قائلاُ وهو ينظر مباشرة إلى عينيها :
" إذا حدث لي أي مكروه أريد أن تعتني بـ (أحمد) فهو لا يزال صغيراً ..إنطوائياً .. أنتِ تعلمين بالطبع أنه أصبح كذلك منذ وفاة والدتك .. "
كانت تنظر نحوه وهو يتحدث .. لم تنطق بأي كلمة .. ضمها في رقة بالغة وحنان شديد ..
قالت والدمع يوشك على الهطول من عينيها :
" أبي .. أرجوك لا تذهب "
قال في تأثر :
" يا بنتي .. يجب أن أذهب .. إنه النداء .. الذي ما إن أسمعه حتى أهرع سريعاً لتلبيته .. "
وصمت لحظة ثم كرر قائلاً :
" إنه النداء .. نداء الوطن .. "
ثم قبلها على جبينها ونصرف ..
عندئذ ..
انطلقت دموعها بلا توقف ..
أما قلبها ..
فكأن قبضة باردة كالثلج تعتصره ..
بشدة ..

* * *

" غيداء ! .. "
أفاقت من شرودها على صوت أخاها الذي اعتدل على سريره قائلاً في تساؤل :
" منذ متى وأنتِ هنا؟؟ "
أجابت :
" منذ فترة بسيطة "
حل الصمت لحظات على المكان .. ثم وبلا مقدمات اندفعت (غيداء) تقول :
" مالذي حدث لك يا(أحمد)؟؟ "
نظر نحوها في دهشة فتابعت :
" لا تنظر نحوي هكذا ..نعم .. أشعر أن تغيراً كبيراً حصل لك .. لم تعد (أحمد) الذي أعرفه قبلاً .. أصبحت كثير الشرود .. ساهم النظرات .. الحيرة تملأ عيناك .. أخبرني مابك؟؟ "
نظر نحوها في ارتباك واضح قائلاً :
" لا شيء "
أطلقت زفرة حادة ثم قالت محاولة اصنطاع الهدوء والحكمة :
" على كلٍ .. ستجدني عندما تريد إخباري .. صدقني .. سيريحك ذلك "
ثم ألقت نظرة عليه فأرخي رأسه .. هزت رأسها وخرجت مستندة إلى باب حجرته ..
قالت في صوت يملله الحزن :
" ليتك هنا يا أبي ... "
وعادت بذكرياتها ..
إلى الماضي ..

* * *

نامت في تلك الليلة ..
وكانت آخر مرة ترى فيها والدها ..
آخر مرة تسمع فيها صوته ..
فقدته وهي فتاة الثامنة عشر ..
مازالت تذكر الكلمات التي خطتها بقلمها ..
بقلبها ..
((سأنتقم ..((
فتحت عيناي في ظلمة كئيبة ..
أبحث عمن يمسح دمعتي الحزينة ..
أبحث عن أبي ..
أين أنت؟؟
تركتني وذهبت ..
تركتني أعاني قسوة الفراق ..
مرارة الحرمان ..
الأوغاد فعلوا ذلك ..
بطلقة غادرة ..
أودت بك إلى الموت ...
لكن الانتقام سيظل يلازمني ..
سأنتقم يا أبي ..
نعم ..
سأنتقم ..
ومهما طال الزمن ..

كلمات حقأ معطرة
احساس قوي
اعجز عن إعجابي بالكلمات
تسلم
تسلم