وزير الداخلية السابق في حوار خاص مع "فلسطين"
صيام يستبعد بدء حوار مع حركة "فتح" قبل انتهاء مؤتمر الخريف
· لا نعترف بأي اتفاق أو إعلان مبادئ واتفاقات عباس غير ملزمة لحماس
· حماس متمسكة بحوار يستند إلى أسس وحل جذري ينهي حالة الصراع الداخلي
· نحاول توفير مقومات الصمود لغزة وأية تداعيات لن تكون حكومة رام الله بمنأىً عنها.
· خدعت بالرئيس أبو مازن، ولم أكن أعرف أنه رئيس دموي إلى هذا الحد.
حاوره/ محمد ياسين ومحمد الدلو:
استبعد سعيد صيام، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ورئيس كتلتها البرلمانية، عودة الحوار بين حركتي فتح وحماس قبل مؤتمر الخريف، مؤكداً سحب حركته للتفويض الذي منحته للرئيس محمود عباس للتفاوض، محذراً في سياق آخر من مغبة المساس بقادة وكوادر حركة حماس من قبل بعض "العابثين".
وشدد صيام والذي شغل منصب وزير الداخلية في الحكومة الفلسطينية العاشرة، خلال حوار خاص أجرته صحيفة "فلسطين" معه، على تمسك حركة حماس بحوار وحل جذري ينهيان حالة الصراع الداخلي، مؤكداً أن تسليم المؤسسة الأمنية يكون ضمن اتفاق إعادة صياغتها، وأن الحوار يجب أن يستند إلى أسس دون اشتراطات مسبقة. وفيما يلي نص الحوار:
· بداية، تحدثت في وقت سابق عن وجود معلومات ميدانية للمساس بقادة وكوادر حركة حماس، هل لك أن تضعنا في صورة هذه المعلومات ؟.
هناك محاولة من فريق في حركة فتح لإعادة الفوضى إلى قطاع غزة، ويتضمن المخطط المساس بقيادات الحركة، ووصلتنا رسائل عديدة بهذا الخصوص، وتعتبر معلوماتها ثقة، فضلاً عن القيام ميدانياً بوضع عبوات ناسفة تم ضبطها أمام منازل وسيارات قيادات عسكرية، والتحقيقات الجارية تشير إلى وجود نية للمساس بالمستويات السياسية في الحركة.
نحذر من المساس بقيادة حماس، وهذا التحذير له ما بعده، بمعنى إذا ما تم إكمال هذا المخطط، فلن يكون أي من قيادات هذا التيار بمنأىً عن العقاب، وسيكون الرد قاسياً بمعنى الكلمة.
· هل رد حماس على المساس بقادتها وكوادرها سيكون قاصراً على قطاع غزة ؟ وماذا قصدت بـ "الرؤوس العفنة" في تصريحك السابق حول ذات الموضوع؟.
الرؤوس العفنة هي التي تريد العودة بساحة القطاع إلى دوامة الفوضى، وتتلقى أوامر من رام الله، وهي التي تعمل على محاصرة الحكومة في داخل قطاع غزة.
أما بشأن الرد، فالخيارات أمامنا مفتوحة، جزء من هذه القيادات موجود في القطاع والجزء الآخر في الضفة، ولكن من هو في خارج القطاع لا يعنى أنه بعيد ولن تصل إليه أيدينا.
· ألا تعتقد أن أي رد قاسٍ من شأنه زيادة تعقيد الأمور، ويشكل حرقاً لكافة السفن، وهدماً لكل جسور الحوار، بمعنى أنه ربما يكون "قطع لشعرة معاوية"، كما يقولون؟.
أولاً: نحن في "حماس لم نحرق السفن، يدُنا ممدودة للحوار وأصبح هذا من أدبياتنا .. وقد أعلنا بعد تطهير القطاع من الفئة الباغية العفو العام، لذلك من يشعل ناراً عليه أن يتحمل نتائجها لأنه سيحترق.
· هناك تصريح لرئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يقول إن حماس تُعدّ وتحضّر لعملية كبيرة لإحباط مؤتمر الخريف، كيف ترد على ذلك؟.
المؤتمر بطبيعته فاشل، ولا يحتاج لمن يفشله، ونحن لا نعول كثيراً على هذه المؤتمرات، كما أننا لا نمارس المقاومة حتى نفشل مؤتمراً وإنما نحن نقاوم احتلالاً، ومثل هذه التصريحات تأتي توطئة لتصعيد العدوان على الحركة، ونأخذ هذه التصريحات على محمل الجد.
· توصف بأنك الأب الروحي للقوة التنفيذية، وهناك من يتهمك بأنك العقل المدبر والمسئول المباشر عما يدور في قطاع غزة؟
أنا لي الفخر والشرف أنني شكلت هذه القوة التنفيذية، والاتهامات ليست جديدة ولم تتوقف؛ ثم الذي يدور في القطاع هو قطع دابر الفوضى والانفلات، إذا كان هذا هو المقصود فأنا أفخر بذلك.
كيف تعمل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة بعد عملية الحسم العسكري ؟.
الأجهزة الأمنية تعمل في إطار وزارة الداخلية التي يحمل حقيبتها رئيس الوزراء إسماعيل هنية، والأجهزة والعاملون في الميدان هي ثلاثة أجهزة، أولاً هناك استعادة لنواة جهاز الأمن الوطني، والعاملين فيه هم من ضباط وضباط صف وجنود منتسبين للجهاز، وقوامهم قرابة 400 فرد، ومهمتهم الحدود والمعابر، ويرأس هذا الجهاز الضابط حسين أبو عاذرة من الضباط السابقين. والجهاز الثاني هو القوة التنفيذية، وقطعنا شوطاً في دمج القوة في الشرطة، وربما خلال أسبوع أو أكثر يصبح عندنا جهاز واحد وهو الشرطة الفلسطينية، والجهاز الثالث هو الأمن الداخلي، للقيام بالأمن المتعلق بحياة المواطنين في الساحة.
الهيكلة الحالية تناسب المرحلة وحاجيات قطاع غزة بعيداً عن التضخيم للمؤسسة الأمنية، وبعيداً عن التداخلات لعملها كما كان في السابق إبان الأجهزة الأمنية السابقة.
· جرى احتجاز زكريا الأغا لعدة ساعات من قبل القوة التنفيذية في غزة، فهل هذا كان ترجمة لقرار سياسي صادر من مستوى سياسي بهذا الصدد ؟.
لا، ليس هناك قرار سياسي بالاعتقال، كان هناك قرار بمنع الصلاة بعد أن سمح بها لمرات عدة، حيث وجد هؤلاء في المكان وفي التوقيت الخطأ، وتم علاج الأمر بالإفراج عنهم بعد بضع ساعات، وها هم يجتمعون في مقرات حكومية وغير حكومية، وفي أندية وفي بيوت لم يحدث أن اعتقل أحد منهم. المس بشخصيات بحجم زكريا الأغا أمر تم تداركه رغم أن هذا غير موجود في الضفة الغربية، حيث جرى التعرض لرموز وقيادات حماس، وحتى اللحظة لم نقابل هذه بتلك.
· لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، هل ما زالت جسماً مؤثراً أو حتى موجوداً في الساحة، أم أنها بعد الحسم العسكري في حالة موت سريري ؟.
حقيقة كل اللقاءات والوساطات الجارية تتم في إطار اجتماعات ثنائية أو ثلاثية، أما جسم لجنة المتابعة العليا فلم يعد فاعلاً، لاسيما في ظل حالة الاصطفاف من قبل ما يسمى بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب حركة فتح، بالتالي فقدت اللجنة النزاهة والحيادية.
أسس للحوار
· البعض يرى في خطوات حماس بتشكيل أجهزة أمنية إضافة لإعادة تشكيل جهاز القضاء ترسيخ للانفصال بين الضفة وغزة.. ألا يشكل ذلك حجر عثرة أمام استئناف الحوار؟، وما هو مصير من تم توظيفهم حديثا في حال تم التوافق؟.
جوهر المشكلة أن هناك نسبة كبيرة من العاملين في الأجهزة الأمنية هم منتسبون سابقون، وفي ظل دعوة حكومة رام الله لمنتسبي تلك الأجهزة للبقاء في بيوتهم ليس أمامنا في حركة حماس لحفظ الأمن والأمان إلا أن نقيم هذه الأجهزة. ولا زال نداؤنا (بإعادة صياغة الأجهزة الأمنية)، وهي ليست حكراً على فصيل أو على جهة، وحينما يكون هناك حوار لكل حادثة حديث، وجميع الخيارات ستكون مفتوحة.
أما حينما يتعطل القضاء، وهذا لا تقبله أي دولة في العالم، فليس أمام حماس إلا أن تشكل جهاز قضاء جديد، وحين يعود القضاة برغبتهم أو عن طريق حوار، فلا يوجد لدينا خطوط حمراء على أي موضوع سياسي ممكن أن يطرح.
· هل لدى حماس تصور محدد لبدء الحوار مع حركة فتح في ظل مطالبة الكثير من الفصائل بضرورة تراجع حماس عن الحسم العسكري؟.
قلنا منذ اللحظة الأولى يدنا ممدودة للحوار، وليس هناك مخرج للأزمة إلا بالحوار، ونجدد رفضنا لأي شروط مسبقة لبدء الحوار، وبالتالي أي حوار يجب أن يستند إلى أسس، أولاً وحدة الوطن جغرافياً، وعدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واحترام نتائج الانتخابات التشريعية، وأن تكون هناك حكومة فلسطينية واحدة في الضفة والقطاع، ونفضل أن تكون حكومة وحدة وطنية، هذا الحوار يجب أن ينصب بدرجة كبيرة على إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية التي أصبحت مطلباً فلسطينياً وهي سبب انفجار الصراع.
هذه هي منطلقات الحوار، أما مطالبة حماس بالتراجع فهي ليست أكثر من "شماعة"، وأصبح القرار الفلسطيني في رام الله مرهوناً بالإرادة الأمريكية والإسرائيلية وليس مرهوناً حتى بموافقة حماس على شروط فلسطينية، وقرار البدء بالحوار سيكون بقرار أمريكي إسرائيلي موجه لحكومة رام الله.
· هل معنى ذلك أن أمد الحوار سيطول كثيراً؟
هناك تحليلات ومؤشرات ودلائل تشير إلى ذلك، على الأقل ليس قبل مؤتمر الخريف، أو قبل نهاية هذا العام في تقديري.
· طالما أن الأمر متعلق بتسليم الأجهزة، لماذا تمانع حماس تسليمها للرئيس عباس إذا كان ذلك مربط الفرس عند "فتح" ؟
هذا غير صحيح، المشكلة ليس في المقرات الأمنية، نحن لا نتحدث عن حلول مجتزئة، بل نتحدث عن رزمة من الاتفاقات تكون من ضمنها المؤسسة الأمنية، ثم هذه الأجهزة لمن ستسلم وبعد أن تسلم من الذي سيقوم عليها، ليست القضية قضية مقرات أمنية أصبحت مهجورة.
هناك توجه لتسليم حراسة بعض المؤسسات للأمن الوطني، لكن أن تسلم المقرات الأمنية وكأن الأمر حسم ذلك تبسيط للمشكلة، فحركة حماس متمسكة بحوار وحل جذري ينهي حالة الصراع الداخلي، والأجهزة الأمنية تسلم خلال اتفاق إعادة صياغتها.
· في ظل هذه المعطيات، هل حركة حماس قادرة على الاستمرار في إدارة قطاع غزة؟
إمكانيات حماس والحكومة الفلسطينية الإدارية في غزة جيدة وعالية، واستطعنا خلال الثلاثة أشهر الماضية ألا نحدث فراغاً في القطاع سواء على الصعيد الأمني أو المالي، حيث سددت الحكومة رواتب عشرات الآلاف، لكن بقاء الحصار واستمرار إغلاق المعابر وعدم دخول المواد التشغيلية لا شك أنها أزمة وفي نفس الوقت حكومة رام الله تعيش في أزمة لا تقل عن أزمة قطاع غزة، يكفي أنهم يعيشون في وهم أن يُعطوا شيئاً قبل أو في مؤتمر الخريف.
نحاول توفير مقومات الصمود لأكبر قدر من الوقت لكن في حال كان هناك تداعيات أو مضاعفات تحديداً صحية أو اجتماعية فلن تكون حكومة رام الله بمنأى عنها.
* جرى الحديث عن وجود توتر في العلاقة بين حماس ومصر، فما مدى صحة ذلك؟.
مطلقاً ليس هناك توتر في العلاقة، الاتصالات دائمة والأستاذ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، دائم الاتصال بالوزير عمر سليمان، هناك اتصالات في مستويات أقل من ذلك. لا شك أن الحدث (الحسم العسكري) في حينه ألقى بظلاله على كل المنطقة، وبعد أن هدأت العاصفة بدأت تتضح معالمها، ونحن في حماس نتفهم تحفظ وغضب بعض الدول من الذي حدث لكن هذه الدول كانت لها مواقف أكثر وسطية وتوازناً حينما بدأت تشجع وتدعو للحوار في الساحة الفلسطينية.
· في الآونة الأخير عرضت فضائية الأقصى مشهداً جديداً للرئيس عباس يصدر فيه أمراً بـ "الذبح"، وسبق ذلك عرض مشهد آخر يدعو فيه إلى قتل كل من يحمل صاروخاً من رجال المقاومة، كيف تعلق على ذلك؟.
أعترف شخصياً أني خدعت بالرئيس أبو مازن ولم أكن أعرف أنه رئيس دموي إلى هذا الحد، المشهد (الذي يصدر فيه أوامر بالذبح) تكرر في زيارته لمقر المخابرات قبيل الأحداث حين حرض على مطلقي الصواريخ، إذن ما هذا الرئيس الذي يعطي تصريحات ويعطي شرعية وضوء أخضر لأجهزة أمنية للذبح والقتل خارج القانون، ثم يعطى أنواط القدس لقتلة سجلت عليهم وسائل الإعلام بأنفسهم بأنهم قاموا بالقتل والحرق، وما يحدث في الضفة الغربية من اعتقالات طالت المئات ومن إغلاق المؤسسات يشكل ذبح للشعب بهذه القرارات.
· ألا ترى أن هناك تناقضاً بين ما يطرحه الرئيس عباس في العلن في خطاباته السياسية وبين ما يقوله في لقاءاته الداخلية ؟.
التناقضات سمة غالبة في حياة الرئيس عباس، في تقديري لا يوجد رئيس على وجه الكرة الأرضية أصدر مراسيم وتراجع عنها بقدر ما فعل "أبو مازن" رغم قصر فترته الرئاسية.. هناك تخبط مرده الجو الذي يحيط بالرئيس عباس.
· في أي حوار قادم، هل ستضع حماس ملف منظمة التحرير على طاولة المفاوضات وتحسم هذا الملف إلى الأبد ؟.
ملف منظمة التحرير هو أحد عناوين الأزمة والخلاف، هناك اتفاق تم في القاهرة وفي وثيقة الوفاق الوطني وفي مكة، ولكن ليس هناك رغبة لدى أبو مازن وربما لدى أطراف عربية لإعادة فتح هذا الملف أو إعادة إحياء منظمة التحرير.
مؤتمر الخريف
· هل أنتم متخوفون من مؤتمر الخريف، في ظل الحديث عن طبخة سياسية بين أولمرت وعباس؟.
نحن لا نعترف بأي اتفاقية أو إعلان مبادئ ينتقص من حق الشعب الفلسطيني أو يتنازل عن ثوابته، وأعلنا في وقت سابق سحب التفويض الذي منحناه للرئيس أبو مازن في التفاوض باسم الشعب الفلسطيني لأن هذا التفويض جاء في إطار اتفاق رزمة لم يتم.
لذلك لتعلم كافة الأطراف بأن حماس وما تمثل على الساحة الفلسطينية والعربية من امتدادات لها تسحب التفويض من أبو مازن بهذا الخصوص، ولن يكون أي اتفاق ملزماً لنا كحركة.
· لا يزال الكثير من المواطنين يعانون الأمّرين على الجانب المصري من معبر رفح.. فهل من جديد على صعيد اتصالاتكم لحل هذه الأزمة؟.
أولاً لم يعد خافياً على أحد أن إغلاق معبر رفح جاء بقرار من رام الله للضغط على قطاع غزة والحكومة، هناك اتصالات ولقاءات تتم في القاهرة ووعود بأن يتم حل أزمة الإخوة العالقين على معبر رفح والذين لا يستطيعون العودة عن طريق معبر العوجا والذين لا يرغبون في العودة عن طريق العوجا، وإن شاء الله تكون انفراجة قريبة.
التهدئة مع الاحتلال
· هل حركة حماس مستعدة للتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، وما هي الشروط التي تضعها ؟
قلنا مع الفصائل مجتمعة إن التهدئة يجب أن تكون متبادلة ومتزامنة، أما إذا استمر الاحتلال في عدوانه فمن حق حماس وكافة أبناء شعبنا أن يدافعوا وأن يردوا هذا العدوان.
· هل ستشارك المؤسسة الأمنية في صد الاجتياح؟
نحن لا نفصل بين هذه المسميات، إذا أقدم الاحتلال على اجتياح يصبح من حق كل فلسطيني أن يدافع عن حقه.
· في الختام .. ما هي الرسالة التي توجهها للرئيس عباس وللأطراف العربية وللشعب الفلسطيني؟
أولاً أنا أوجه رسالة إلى أهلنا في قطاع غزة، عليهم بالصبر والصمود والثبات والوحدة لمواجهة هذا الحصار والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
أما رسالتي إلى السيد محمود عباس .. إن غزة عصية على التطبيع وما فشل فيه الاحتلال ضد قطاع غزة لن تستطيع تحقيقه مليشيات رام الله والأوامر التي تصدر من حكومة رام الله.
أما رسالتي للأمة العربية والإسلامية فأقول "ما هو الجواب الذي أعددتموه حينما ستسألون أمام الله ؟ ومن قبل أمام التاريخ عن صمتكم تجاه ما يجري من تجويع وحصار وقتل للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ؟