ضحكت كثيراً وأنا أقرأ على وكالة معا الإخبارية خبراً عن تفريق الشرطة الفلسطينية لمسيرة نسائية لحركة حماس.
فقد
أعادني الخبر إلى قصة سمعتها يوماً عن قصة رجل فقير "عضه" كلب أحد
المسؤولين الكبار في ذاك بلد ما (حتما هو من بلاد العرب)، ومن قهر الرجل
"يا كبداه" قرر أن يشتكي إلى القاضي مظلمته، ولم يسمع للأصوات التي همست
في أذنه أن يتغاضى عن ذلك خشية العواقب، ولكنه أصر وقال الجريمة واضحة
وكذا أثرها ولا بد أنني سأنصف هذه المرة خاصة أن خصمي مجرد كلب!!!
وبالفعل
تقدم الرجل وهو يمني نفسه بالإنصاف أمام "الكلب" ليفاجئ بعد حين بالحكم
الصادر عن القاضي بعد التحري والتحقيق بإدانته في جريمة عض الكلب.
طوال
الوقت كنت أظن هذه القصة مجرد حكاية شعبية من الموروث الثقافي تحكى
للتدليل على الظلم والنفاق المجتمعي والفساد المستشري في مؤسسات الحكم،
لكن عندما قرأت خبر وكالة معا "المستقلة" – كما تقول- أدركت أن هذه القصة
حتماً حصلت وربما حصل أسوأ منها، طالما أننا ونحن في القرن الحادي
والعشرين الذي تحول فيه العالم إلى قرية صغيرة نسمع قصصاً لا تقل سخافة
وأكثر نفاقاً واستخفافاً بعقول الجماهير.
وجه
المقارنة، يا سادة، بين الكلب وعضته وخبر معا الذي دفعني للضحك، أن
الوكالة "المستقلة" جداً جداً، قالت في مضمون الخبر حول المسيرة ما نصه "
ووقعت مشادات بين الشرطة وعدد من المتظاهرات, تعرض خلالها أحد رجال الشرطة للرش بالغاز من قبل إحدى المتظاهرات- حسب تأكيد شهود عيان".
فيا كبداه لقد أظهرت تحقيقات المستقلة "معا" أن رجال الشرطة "الغلابي" كانوا عرضة لعض آسف لغاز المتظاهرات.
فلتهنئ يا شعبي، بصحافتك الحرة، وأن من حق معا المستقلة جداً أن تنافس عبر هذا الخبر لنيل جائزة نوط القدس للمهنية العالية التي تعاملت بها.
فعلاً،
أننا أمام واقع غريب انقلبت أحواله رأساً على عقب، إإلى هذه الدرجة يصل
الحد في استخفاف عقول القراء والجماهير!! إذا كان الاستخفاف يصل على هذه
الدرجة في مثل هذه الواقعة التي شهدها من شهدها من صحفيين وإعلاميين –
سحبت كاميراتهم- وأمام مئات المشاركات ؛ فكيف الحال بالوقائع التي تجري في
حلك الظلام.
عموماً إن ما
نشر ليس جديداً على وكالة "المستقلة جداً جداً" التي تخلت عن مهنيتها في
الآونة الأخيرة وأضحت جزءاً من مكنة إعلامية لها أهداف واضحة لا تخف على
أحد ولا أتصور أنها هي تنكرها.
وكوني
من الذين يجدون متعة في متابعة وسائل الإعلام وطرق التحرير التي تعتمدها
في نشر أخبارها، كنت أسلي نفسي في التدقيق في ما تنشره "معا" كما غيرها من
وسائل الإعلام.
ومن
المهم أن أشير إلى أنني ما كنت لأسجل أي ملاحظة أو تعليق على معاً إلا
كونها تلصق صفة المستقلة باسمها فباعتقادي أن وسائل الإعلام الحزبية لا
مؤاخذة على ما تنشر اللهم إلا ما تضمن من إساءة واضحة وفجة سواء لأشخاص أو
هيئات أو معتقدات.
لن
أسرد الكثير من الوقائع التي سجلتها ولكني أكتفي بواحدة وهي الطريقة التي
تتعامل بها الوكالة مع البيانات الصادرة عن مؤسسات حقوق الإنسان التي ترصد
الانتهاكات الخاصة سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
فعلى كثرة البيانات التي تصدر من مؤسسات حقوقية معروفة وغير معروفة عن توثيق ما يجري في قطاع غزة من ممارسات منسوبة للقوة التنفيذية أو
لنشطاء من حماس تجد طريقها للنشر الفوري وبكامل تفاصيلها المملة وبطريقة
بعيداً عن آلية التحرير الإعلامي، على صفحة معاً الرئيسة ويتم توزيعها
المهم "المسيء" على أرقام المشتركين عبر شبكة جوال.
أما
البيانات التي ترصد عن تسجيل ممارسات منسوبة للأجهزة الأمنية ضد نشطاء
حماس في الضفة الغربية، على قلتها فهي إما يتم تجاهلها بالكامل، وإما يتم
نشر الكلام الإنشائي منها بعيداً عن الأبعاد الإنسانية المحكية على لسان
الضحايا أنفسهم، وبطريقة تبعث على الشك والريبة في أصل التشخيص كأن تقول
"مؤسسة في غزة تنتقد ما يجري في الضفة" وكأنها تقول أن هذه المؤسسة لا
تدري عما يجري في الضفة وتنتقد لدواع سياسية!!! وبالتالي تكون نتيجة النشر
عكسية "للواقع" ولكنها متوافقة مع ما ترمي إليه هذه الماكنة الإعلامية.
كما أنه وإذا حصل ذلك فإنه يتم النشر في الزوايا المهملة والأوقات
الهامشية بحيث تكون النتيجة صفر أو أكثر قليلاً من ال