حذرت وثيقة صُنّفت بالـ (سرية»، وحصلت مراسل فلسطين اليوم على نسخة منها، الرئيس الفلسطيني محمود عباس من «فخ إسرائيلي» سينصب للمفاوض الفلسطيني في المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش الشهر المقبل.
وأشارت الوثيقة، التي قدمتها قيادات الصف الثاني في حركة فتح، إلى أن المفاوضات التحضيرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين توصلت إلى قبول الجانب الفلسطيني بالاعتراف بدولة إسرائيل.. مجدداً، بالرغم من أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت قد اعترفت بها سابقاً، وألغت من ميثاقها الوطني البند الداعي إلى إزالتها.
وبحسب الوثيقة، يهدف الموقف الإسرائيلي إلى تحويل الاعتراف الفلسطيني الأول بـ(دولة إسرائيل» إلى اعتراف بأن «إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي»، ما يعني بالضرورة إسقاط حق عودة اللاجئين، وربما ترحيل الفلسطينيين الموجودين في مناطق الخط الأخضر!
واستبعدت الوثيقة أن تعطى السلطة الفلسطينية أي سيطرة مدنية أو أمنية على المناطق التي يعيش فيها هؤلاء الفلسطينيون، نظرا لوجودهم داخل المدن التي احتلت في العام ,1948 ورجحت أن تكون فكرة «تبادل» الأراضي المطروحة، والتي تحدث عنها رئيس طاقم المفاوضين الفلسطينيين احمد قريع مؤخراً، تقضي بمبادلة أراض فلسطينية في مناطق الضفة بأخرى بين الضفة وغزة «قد يُنقل عرب إسرائيل إليها».
وأشارت الوثيقة إلى أن «الماكينة» الإعلامية الإسرائيلية ستستغل القبول الفلسطيني «غير المقصود» بإسرائيل كـ(دولة للشعب اليهودي»، لتعميق الشرخ الفلسطيني الداخلي بين فتح وحماس، كما ستروّج لمسائل أخرى كالقدس والحدود والمياه وغيرها من قضايا الحل النهائي، والتي ستطرحها على أنها تنازل إسرائيلي تاريخي لصالح إقامة الدولة الفلسطينية.
وتسأل الوثيقة «هل تعلّم المفاوض الفلسطيني من تجارب المفاوضات السابقة، وكيف سيتعامل مع مجموعة من الوعود الجديدة المشابهة لتلك التي قدمت من قبل رؤساء الحكومات الإسرائيلية خلال فترة المفاوضات في ما بعد اتفاق أوسلو 1993»، متسائلةً عن جدوى ذهاب المفاوض الفلسطيني لمؤتمر بوش، الذي سيقود إلى «اتفاق سقفه أدنى بكثير مما قدم في اتفاق أوسلو وسيضع الجانب الفلسطيني في دوامة وعود جديدة قد تتبدد عند أول عملية فدائية تنفذ في إسرائيل».
وطالبت الوثيقة عباس بالإفصاح عن أسماء أعضاء الوفود التي أعدت لمفاوضة الإسرائيليين، والتعلم من «تجربة أوسلو القاسية التي أوكلت مهمة التفاوض لأشخاص غير كفوئين، ولهم مصالح اقتصادية مع الجانب الإسرائيلي»، مضيفةً «إذا كان الجانب الفلسطيني يقول إن المفاوضات المقبلة ستكون شفافة، وسيطرح ما سيتم الاتفاق عليه للاستفتاء الشعبي قبل الموافقة عليه بشكل نهائي، فلماذا لا يتم الإفصاح عن أسماء المشاركين فيها، وما تاريخها، وماذا تملك، وما هي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وهل هي تمثل كافة أبناء الشعب الفلسطيني».
وشددت الوثيقة على أنه «حتى لو وافق الجانب الإسرائيلي على المطالب الفلسطينية، فهل ستقبل حماس بذلك»، داعيةً إلى إعادة النظر في مسألة رفض الحوار مع الحركة بعد أحداث غزة، ومشيرةً إلى أهمية أن يكون الشعب الفلسطيني «موحدا خلف قيادة وطنية موحدة تكون حريصة على تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية الرامية إلى إقامة الدولة المستقلة على حدود ,1967 وإعادة اللاجئين، وضمان حرية الحركة للجانب الفلسطيني في أرضه وعلى حدوده».
وفي استعراضها لمجموعة حلول قد تحمي الشعب الفلسطيني «من كارثة أوسلو جديد» وتحافظ على «الثوابت التاريخية»، أكدت الوثيقة أن لدى فتح وحماس نقاط التقاء في برنامجيهما السياسي، تتمثل في قبول الجانبين بإقامة دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس، مع التمسك بحق عودة اللاجئين، وحل أزمة المياه والحدود والمعابر.
وسألت الوثيقة الرئيس الفلسطيني «كيف بوسعك أن تفاوض، وشطر الوطن الآخر خارج عن سيطرتك، وأنت ضعيف على الأرض، ولماذا لا تفكر بأن تكون قويا بموقف صلب وخلفك الشعب الفلسطيني بكل أطيافه، وكيف ستستفتي الشعب الفلسطيني وأنت غير قادر على الوصول إلى معبر بيت حانون».
وبحسب الوثيقة، تتطلب خيارات عباس الضئيلة في مواجهة «جبروت الحكومة الإسرائيلية»، إطلاق برنامج سياسي «مقاوم»، تسبقه مجموعة من الخطوات المهمة تتمثل في عقد حوار صريح مع حماس لحل الخلافات «الإجرائية لصالح المصلحة العامة»، وطرد غالبية من يقدم المشورة والنصح للرئيس الفلسطيني «كونهم أصحاب مصالح خاصة بعيدين كل البعد عن مصلحة الشعب»، وإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بشكل عادل، واستقدام كفاءات فلسطينية يشهد لها بالنزاهة، لتتولى المهام الإدارية في المؤسسات الفلسطينية والوزارات التي تدير الشؤون اليومية للشعب الفلسطيني.
يمكن بعدها، وفقاً للوثيقة، الإعلان صراحة عن حل السلطة الوطنية، والتنصل من كل الاتفاقات «المجحفة» التي وقعت مع الإسرائيليين، وتحريك الدبلوماسية الفلسطينية والعربية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، لإجبار إسرائيل على تحمل مسؤوليتها التاريخية عن الشعب الفلسطيني الذي تحتل أرضه، «وتغير الاعتقاد السائد بأن لدى الفلسطينيين سلطة تحميهم».
ورأت الوثيقة أن «كل ذلك يجب أن يتم بالتزامن مع ثورة شعبية فلسطينية سلمية» تشبه «الانتفاضة الأولى» لمقاومة الاحتلال.